لم تحتل مصر موقفها فى مقدمة دول العالم فى الدفاع عن القضية الفلسطينية من فراغ، لم تنازع أحدا على هذا الدور فالأمور محكومة بالتاريخ والجغرافيا الأول يقول إن القاهرة تعتبر القضية الفلسطينية الدائرة الأهم فى دوائر الأمن القومى تبنتها منذ اللحظة الأولى لظهورها، خاضت من أجلها مواجهات عسكرية سال فيها دماء زكية على أرض فلسطين وفى رمال سيناء ولهذا لم يكن غريبا أن تتعامل دول العالم مع مصر على أنها الراعى الإقليمى لعملية السلام فى الشرق الأوسط..
وجاء العدوان الإسرائيلى على الشعب الفلسطينى منذ عام؛ ليؤكد ويرسخ هذه المفاهيم فقد قادت مصر تحركا دوليا بعد أيام من بدء العدوان عندما دعا الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى مؤتمر القاهرة للسلام الذى شارك فيه ٣٠ من قادة ورؤساء وكبار مسئولى دول العالم حيث كانت الرؤية المصرية التى سعت إلى طرحها منذ البداية واضحة ومحددة وهى وقف العدوان والسماح بالدخول الفورى والمستمر للمساعدات الإنسانية بعد أن تحول قطاع غزة إلى سجن كبير يفتقد الحد الأدنى من مقومات الحياة وتدمير شامل للبنية التحتية ووصل حجم المساعدات التى قدمتها إلى حوالى ٨٧ بالمائة والأهم هو رفض مخططات إسرائيل فى استثمار عدوانها وتمرير عمليات تهجير الفلسطينيين فى خطوة باتجاه تصفية القضية والعمل على إيجاد حل شامل وعادل للأزمة ينتج عنها استقرار المنطقة لم يتوقف الأمر عند ذلك فقد كانت شريكا مهما فى جهد ثلاثى مع قطر وواشنطن فى التوصل إلى اتفاق للتهدئة أثمر هدنة لعدة أسابيع والإفراج عن عدد من المعتقلين واستمرت فى هذا الجهد والذى أجهضه رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتانياهو بطرح مطالب مستحيلة التنفيذ أو التراجع عن تعهدات سابقة. هذه محاولة للاقتراب والكشف بالتفصيل عن حقيقة الدور المصرى خلال عام من العدوان.
(هناك عقود لا يحدث فيها شيء، وهناك أسابيع تحدث فيها عقود) صاحب هذه المقولة الزعيم الروسى الشهير فلاديمير لينين. وهى تجسد بكلمات قليلة حقيقة أن ما شهدته المنطقة ليس فى أسابيع، كما أشار، ولكن خلال عام كامل، لم يكن على بال بشر، حيث لم يتوقع أكثر المراقبين وأعتى المحللين أو حتى الذين يعملون على استشراف المستقبل أن نعيش وقائع ما حدث منذ عام بالتمام والكمال عندما بدأت عملية طوفان الأقصى التى أصبحت حدا فاصلا بين عالمين ما قبله وما بعده، سيتم تسجيلها فى كتب التاريخ كأحد أبرز أحداث القرن الحادى والعشرين، حيث كان رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو يروج لعالم جديد فى منطقة الشرق الأوسط تكون تل أبيب محوره وأساسه، كان يحلم بمسار تطبيع العلاقات مع كل دول الجوار، وقف قبلها بأيام أمام الأمم المتحدة يعرض خرائط أحلامه ولكنه مع أول تحرك لفرد من أفراد المقاومة باتجاه غلاف غزة اكتشف أنها كانت أضغاث أحلام، كوابيس سوداء، خطوطا على الرمال سرعان ما جاءت أمواج الطوفان العاتية حتى أزالتها من الوجود لم يكن الأمر متعلقا بنتنياهو الذى سعى إلى كتابة تاريخه الخاص بأنه بانى إسرائيل الكبرى وصاحب الإنجازات التى تفوق الآباء والأجداد المؤسسين لإسرائيل بل وصلت إلى كرامة الجيش الإسرائيلى الذى عاش فى وهم بأنه الجيش الذى لا يقهر أنه درة تاج الدولة وفخرها حتى إن البعض يتحدث عن أن إسرائيل جيش صنع دولة.

0 Comments: